كيف تُنفذ انقلاباً عسكرياً ناجحاً في خمس خطوات!
عادة ماتحقق الانقلابات العسكرية نجاحاً كبيراً إذا ماحدثت لأن الانقلاب يحدث عندما يتم استغلال كراهية الشعوب لحكومتها من قبل المؤسسة العسكرية بهدف الوصول للحكم، فعادةّ مايقف الشعب بجانب جيشه أملاً في تخليصه من قهر النظام الحاكم.. وهو ما لم يحدث هنا!
أعطى الانقلابيون بالامس درساً جيداً لأمثالهم في كيفية القيام بانقلاب عسكري فاشل فبالإضافة للدرس القاسي الذي تلقوه سنعطيهم في هذا المقال درساً إضافياً لكيفية القيام بانقلاب عسكري ناجح.. بذكاء!
الخطوة الأولى: اللعب على مشاعر الشعوب
انتشار القوات والدبابات في الشوارع والقاء البيانات ليست هي الخطوة الأولى لأي عملية انقلاب عسكري، الخطوة الأولى تأتي دائما قبل الانقلاب بفترة كبيرة ربما تصل لسنوات .. تأتي الانقلابات دائماً إما بمخططات داخلية بين قيادات الجيش وإما بمخططات أجنبية تكون هدفها الأول اللعب على مشاعر الشعوب والبدء في تهيئتهم لتقبل الانقلاب عن طريق:
أولاً: التوغل في الإعلام والسيطرة عليه خطوة بخطوة لبث سلبيات الحكم وزرع عدم الاطمئنان والكراهية في نفوس المواطنين.
ثانياً: الدراسة الكاملة لعقلية وطبيعة الشعب ومدى وعيه وثقافته والبدء بالتقرب الغير طبيعي للجيش من الشعب وكسب ثقته.
ثالثا: انقاص رصيد الحكومة لدى الشعب خطوة بخطوة حتى قدوم التوقيت المناسب.
هذه الخطوة هي أهم خطوات الانقلاب العسكري، لأن الشعب هو الفارق في هذه اللحظة إما قبول سيطرة الجيش أو التصدي لهم.. قد تكون هذه الخطوة هي الأهم وفي بعض الحالات الوحيدة لنجاح الانقلاب العسكري، فمدى وعي وثقافة الشعب هي ماتحدد مصيره.
الخطوة الثانية: تجهيز العتاد والأفراد وخطط توزيعهم “الصحيحة”
بعد تهيئة الشعب نفسياً لتقبل الانقلاب العسكري، يأتي التحرك الحقيقي على أرض الواقع في سرية تامة وهي تجهيز العتاد والأفراد المشاركة في عملية الانقلاب وبدء خطط توزيعهم الصحيحة كالتالي:
- احتلال جميع الأماكن والمنشآت الحساسة في الدولة كمقرات المخابرات والقصر الجمهوري.
- احتلال مباني الاذاعة والتليفزيون ووقف البث نهائياً.
- تعطيل جميع وسائل التواصل الاجتماعي والسيطرة على جميع وسائل الاتصالات.
الخطوة الثالثة: المعلومات الاستخباراتية
تبقى المعلومات دائماً هي أهم وأقوى سلاح في أي عملية انقلاب عسكري، يجب على قادة الانقلاب ان يتوفر لديهم كافة المعلومات الاستخباراتية اللازمة لتقليص أي احتمالية للتصدي عن طريق:
- جمع المعلومات اللازمة لجميع الأماكن الحيوية التي يجب السيطرة عليها والتحفظ على من بداخلها والتي تسمح بالسيطرة على السلطة موضعياً.
- معرفة أماكن جميع القيادات والشخصيات التي يجب التحفظ عليها قبل بدء عملية الانقلاب لمنع خروجهم ومحاولة الرد أو التصدي.
- العلم بجميع الجهات المعادية لقادة الانقلاب للسيطرة عليهم كبعض كتائب الجيش وقوات الأمن وأي جهة أخرى.
- السيطرة على المخابرات العامة والمخابرات الحربية مُسبقاً ومعرفة جميع معلوماتها وأسرارها.
تحدث الانقلابات عادة من كبرى قادة الجيش فيكون لهم السلطة الكاملة على الاطلاع بكافة المعلومات والأسرار الاستخباراتية.
الخطوة الرابعة: التحفظ على جميع القيادات مُسبقا
ماحدث مع الرئيس التركي اردوغان بالأمس هو أفضل مثال على فشل قادة الانقلاب في التخطيط، من أهم الأجزاء في عملية الانقلاب هي القبض على جميع القيادات والتحفظ عليهم، فما بالك بترك رئيس الجمهورية طليقاً وأعضاء البرلمان والوزراء أحراراً واعلان السيطرة على بعض المنشآت الحجرية، مما أدى إلى اتخاذ الاجراءات المضادة فورا من هؤلاء القيادات وظهور اردوغان فجأة لحث الشعب على التصدي لعملية الانقلاب وهو ماحدث.
لذا لهذه الخطوة دوراً هاما في تسهيل عملية الانقلاب وبدء التعتيم على الشعب لعدم معرفة مايحدث والاستسلام للأمر الواقع.
الخطوة الخامسة: البيان الأول
البيان الأول دائما هو آخر خطوة يتم اتخاذها في عمليات الانقلاب العسكري، فمحتوى البيان يتضمن طمئنة الشعب على سير الأمور بالطريقة المثالية واعلان الجيش السيطرة على البلاد وتخليصهم من الحكومة،
بالإضافة إلى اعلان السيطرة على جميع المنشات، وكذلك تعطيل العمل بالدستور واعلان الأحكام العرفية، ويكون هذا البيان من خلال القنوات التليفزيونية الرسمية وبهذا ينتهي الانقلاب العسكري بنجاح.
هذه الخطوة أيضاً من الأخطاء الكارثية التي وقع بها الانقلابيون بالأمس، تم اقتحام مبنى التليفزيون بالقوة واعلان البيان الأول كأول خطوة بالسيطرة على المنشآت والانقلاب على الحكم في البلاد وهو ماشكّل انتصاراً لحظياً حتى لحظة الفشل لعدم سيطرة الجيش الفعليه على أي شئ.
باختصار.. لماذا فشل انقلاب تركيا العسكري؟
١- عدم مشاركة كافة قيادات الجيش الكبرى في الانقلاب من القوات البرية والجوية والبحرية والأبرز عدم اعتقال هذه القيادات الغير مشاركة والتحفظ عليهم وكذلك عدم التحفظ على اردوغان وكافة القيادات السياسية في الدولة.
٢- التوقيت الخاطئ لإعلان عملية الانقلاب، فالشعب لم يكن جاهزاًُ أو مهيئاً لأي عملية انقلاب على السلطة في الوقت الحالي ولم يصل الأمر لحالة الوضع المُزري في البلاد.
٣- عدم السيطرة على المخابرات العامة ووزارة الداخلية مما سمح بإطلاق قوات الأمن تجاه الانقلابيين والتصدي لهم بسهولة.
٤- عدم سيطرة الانقلابيين على المعارضة التركية، فلم يكن بحسبانهم مطلقا أن تقف المعارضة الشعبية بجانب الحكومة للتصدي لعملية الانقلاب لفقر المعلومات الاستخباراتية لديهم وعدم الدراسة والتخطيط الجيد.
٥- مرّ الشعب التركي بعدة انقلابات عسكرية في تاريخه أدت إلى انحدار تركياً إلى القاع بمرور الوقت، مما دفع الشعب للخروج بدون تردد لمواجهة الانقلاب.
المصدر
كيف تُنفذ انقلاباً عسكرياً ناجحاً في خمس خطوات!
تم التقييم بواسطة معلومة كل يوم
في
08:03:00
التقييم:
Aucun commentaire: